تلعب صناعة البناء والتشييد دورًا مهمًا في التغير المناخي، حيث ينتج قطاع البناء أكثر من ثلث غازات الاحتباس الحراري عالميًا. ويُمكن لصناعة البناء أن تُقلل من أثرها البيئي من خلال تبني ممارسات البناء المستدام.
أدى تطور ممارسات البناء الأخضر على مدى العقود القليلة الماضية إلى تحسينات كبيرة في كفاءة استخدام الطاقة، والحفاظ على الموارد، وتقليل النفايات أثناء وبعد عملية تشييد المبنى.على الرغم من بدء شركات البناء والتشييد والمقاولات في تبني ممارسات وأساليب البناء الأخضر إلا أن ممارسات البناء التقليدية مازالت رائجة إلى حد كبير. ولكن مع الزيادة المستمرة في التكاليف المرتبطة بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز، أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى أن تتبني صناعة البناء ممارسات البناء المستدام للحد من استهلاك الطاقة والموارد طوال دورة حياة المبنى.
ما هي المباني الخضراء؟
البناء الأخضر أو المستدام هو مصطلح يستخدم لوصف المباني التي تم إنشاؤها بطريقة تُقلل من تأثيرها على البيئة، وتؤدي إلى تحسين كفاءة استهلاك الطاقة والمياه، وتساهم في تحسين جودة البيئة الداخلية والتي تنعكس على صحة الإنسان في كافة مراحل دورة حياة البناء، وذلك بدءًا من مرحلة التخطيط واختيار الموقع، إلى التصميم، والتشييد، وتشغيل وصيانة المباني.
وقد بدأ الاهتمام بالبناء المستدام يزداد خلال السنوات الماضية، وذلك لزيادة الوعي بمدى الضرر الذي تسببه أساليب البناء التقليدي للبيئة والصحة العامة.
عادةً ما تستخدم المباني الخضراء طاقة أقل، مما يؤدي إلى انخفاض فواتير المرافق لأصحاب المنازل. كما أنها تستخدم مواد بناء طبيعية تتطلب صيانة أقل بمرور الوقت وتنتج مواد كيميائية سامة أقل من مواد البناء التقليدية.
يتم تشييد المباني الخضراء مع التركيز على الاستدامة البيئية حيث إنها تقلل من التأثير السلبي للبناء على البيئة من خلال استخدام الموارد المتجددة، واستخدام المواد المعاد تدويرها، والحد من النفايات وإعادة تدويرها.
فوائد البناء الأخضر
يعتبر مفهوم الاستدامة جزءًا أساسيًا من المباني الخضراء ويشير مصطلح “بناء مستدام” إلى طرق البناء التي تعطي الأولوية للاعتبارات البيئية طويلة الأجل، مع تعزيز كفاءة البناء، وتوفير التكاليف. يتطلب ذلك توازنًا بين الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتقليل إنتاج النفايات، وانبعاثات الغازات المعروفة باسم غازات الاحتباس الحراري، وتحسين جودة المعيشة في الأماكن المغلقة للبشر وتشمل مزايا البناء المستدام:
جودة هواء أفضل
تُعزز المباني الخضراء جودة الهواء الداخلي، مما يعني الحد من التعرض للسموم والمواد المسببة للحساسية. ويساهم ذلك في تحسين صحة المقيمين في المبنى وتحسين جودة الحياة.
تم تصميم البيوت الخضراء للاستفادة القصوى من الضوء الطبيعي والتهوية، مما يساعد في خفض تركيزات ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد النيتروجين والمواد الكيميائية الضارة الأخرى الموجودة في بعض المباني. فمن خلال زيادة كمية الهواء النقي داخل البيوت الخضراء، يشعر المقيمون فيها براحة أكثر مما يشعرون به في المباني التقليدية.
تقليل البصمة الكربونية
البصمة الكربونية هي مقياس لتأثير نمط حياتك على البيئة، حيث يشير مصطلح البصمة الكربونية إلى إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة التي يتم انتاجها بسبب الأنشطة الشخصية أو الصناعية. يتم حساب البصمة الكربونية للشخص عن طريق قياس كمية ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة الأخرى التي ينتجها بمرور الوقت.
يُعد بناء البيوت الخضراء أحد أكثر الطرق تأثيرًا لتقليل البصمة الكربونية للفرد، فوفقًا لوكالة حماية البيئة، فإن بناء منزل معتمد من نظام الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة والمعروف اختصارًا باسم ليد LEED، يُمكنه توفر ما بين 30% إلى 50% من الطاقة مقارنة بالمباني التقليدية. فعلى سبيل المثال، ستولد الألواح الشمسية الموجودة على أسطح المباني الخضراء كهرباء مجانية لسنوات، مما يوفر لمالكي المنازل فواتير المرافق الشهرية، وتخفيف الأحمال على شبكة الكهرباء، بالإضافة إلى تقليل انبعاثات الكربون بنسبة تقدر بنحو 20%.
يُمكن للمباني الخضراء المساهمة في تقليل البصمة الكربونية لأصحاب المنازل والمساعدة في منع الأضرار التي تلحق بكوكبنا من خلال استخدام مواد بناء صديقة للبيئة. فيمكن اختيار أرضيات البامبو لأنها أفضل للبيئة حيث تتطلب طاقة أقل للإنتاج والتصنيع عن الأرضيات الخشبية.
الحد من استخدام الموارد الطبيعية
تُساعد المباني الخضراء في الحفاظ على الموارد الطبيعية بعدة طرق مثل انخفاض الحاجة إلى مواد بناء جديدة فعلى سبيل المثال، عندما يتم استخدام الأسقف الخضراء، فإن أصحاب المنازل يحفظون الموارد اللازمة لعزل الحرارة والصوت، أو مكونات البناء الأخرى مثل الحوائط الجافة، بالإضافة إلى قدرتها على تعزيز العمر الافتراضي للمبنى.
تساهم المباني المستدامة الصديقة للبيئة -بالإضافة إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية- في الحد من احتياجات تطوير الأراضي لأن المبنى الأخضر يتطلب خرسانة أقل ومساحة أقل بشكل عام مما تتطلبه طرق البناء التقليدية.
الحد من نفقات تكاليف البناء والتشغيل
تم تصميم المباني الخضراء لترشيد استخدام الطاقة بأكثر الطرق فعالية ولتقليل تكاليف التدفئة والتبريد الإجمالية. حيث يُساهم تصميم المباني الخضراء في خفض تكاليف الطاقة بشكل كبير بمرور الوقت وذلك بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.
تعتبر المباني الخضراء قادرة على خفض اعتمادها على مصادر الطاقة التقليدية وتقليل كمية الطاقة التي تستهلكها بشكل كبير. هذا لا يساعد فقط في خفض تكاليف الطاقة بنسبة 30% مقارنة بالمباني التقليدية، ولكنه يقلل أيضًا من التأثير البيئي للمبنى.
تُعرف المباني الخضراء على نطاق واسع بقدرتها على خفض تكاليف البناء من خلال استخدام مواد البناء الموفرة للطاقة وتقنيات البناء الذكية، كما يمكن أن تساهم المباني الخضراء في خفض تكاليف البناء من خلال تحسين عزل وتغليف المبنى، واستخدام تقنيات التبريد والتدفئة السلبية، وتقليل النفايات الناتجة عن عمليات البناء، وزيادة إنتاجية البناء. بالإضافة إلى ذلك، تساهم طرق البناء المستدامة في تقليل تكاليف تشغيل وصيانة المبنى وزيادة عمر مواد البناء.
قيمة أكبر لدورة حياة المبنى
المباني الخضراء أكثر متانة، وعمرها الافتراضي أطول، كما أنها تحتاج إلى عمليات صيانة وإصلاح أقل. هذا يعني أن أصحاب المنازل الخضراء سيوفرون المال على المدى الطويل عندما يختارون طريقة بناء صديقة للبيئة.
تعتبر تكلفة أعمال الصيانة والإصلاح للمباني الخضراء أقل من المباني التقليدية، كما أنها أكثر مقاومة للتلف مما يعني أنها لن تحتاج إلى الكثير من الصيانة.
المباني الخضراء لديها معدل إهلاك أقل لمواد البناء من المباني التقليدية الأخرى مما يعني أن قيمتها ستنخفض بمعدل أبطأ من تلك غير الخضراء بعد بنائها أو تجديدها بالطرق التقليدية مثل الهياكل الفولاذية أو الحوائط الجافة.
الخاتمة
تتمتع المباني الخضراء بالعديد من المزايا البيئية، والاجتماعية، والاقتصادية. سيقلل البناء الأخضر من انبعاثات الغازات الدفيئة بما له من تأثير إيجابي على البيئة، بالإضافة إلى توفير استهلاك الطاقة بمرور الوقت، ويساهم بشكلٍ فعال في تحسين جودة الحياة ورفاهية العيش.
يعتبر البناء الأخضر والمستدام اتجاهًا إيجابيًا في قطاع البناء، ويجب على المزيد من شركات البناء أن تتبنى ممارسات البناء الخضراء لتعزيز التنمية المستدامة.
هل تتطلع إلى البدء في استخدام أساليب البناء الأخضر؟ استخدم منصة PlanRadar مجانًا لمدة 30 يومًا أو اتصل بنا لمعرفة كيف يُمكن لـمنصة PlanRadar دعم مشروعاتك.